هل يمكن توظيف «القيل والقال» في فعل الخير؟!. هذا ما نجح فيه مشروع «بيقولك» المُكون من خمسة رواد أعمال من الشباب، حصد مشروعهم جائزة قيمتها مائتا ألف دولار كاملة بمسابقة «ابدأ» التي نظمتها «جوجل» للوصول إلى أكثر رواد الأعمال ابتكارًا. «بيقولك» هو تطبيق شعبى للغاية بسبب استخدامه للغة العامية، مما يجعله جذابًا وممتعًا لنصف مليون مستخدم حاليًا يخبرون بعضهم البعض من خلال الهواتف الذكية عن الحالة المرورية في شوارع القاهرة والإسكندرية. اسم التطبيق «بيقولك» هي كلمة يستخدمها المصريون عندما يريدون إخبار شخص بمعلومة ما، واختار فريق المشروع هذا الاسم حتي يُعبر عن الروح المصرية للتطبيق.
لقد كنت أحد أعضاء لجنة تحكيم مسابقة «ابدأ»، التي تلقت ما يربو على أربعة آلاف فكرة وخطة عمل، حيث أتاحت هذه المسابقة الفرصة أمام المتسابقين للاستفادة من نخبة من الخبراء المتخصصين في مختلف المجالات، انتهاء بمتابعة أفضل خمسين فريق، نقلوا إليهم خبرات ومعارف قيمة للاستفادة منها في عملهم الخاص. قمنا في لجنة التحكيم بتقييم مستوى الابتكار وتأثير الأفكار على الصعيديْن المحلي والإقليمي، مدى الاعتماد على التكنولوجيا والتأثير الاجتماعي للمشروع وقدرته على تلبية الاحتياجات الاجتماعية القائمة. تم تحليل وتقييم نموذج الأعمال لكل مشروع للتأكد من قدرته على تحقيق إيرادات، و قدرته على تحقيق النمو المستقبلي. كان هناك العديد من المشروعات المميزة التي بلغت التصفيات النهائية، أذكر منها مشروع «وصلني» المشابه لفكرة «بيقولك»، حيث يرمز بألوان مختلفة للمناطق حسب درجة ازدحامها، والمعلومات المرورية في البرنامج مصدرها أيضًا مستخدمي البرنامج أنفسهم. يقوم التطبيق باحتساب سرعة سيارة المستخدم، ويمكن للمستخدم إن يقوم برفع صور لحادثة أو إزدحام ورفعها مباشرة علي التطبيق. تطبيق آخر يتيح للمواطن العادي أن ينقل وينشر ويبيع الأخبار والصور ومقاطع الفيديو من قلب الأحداث في أي موضع بالعالم. مشروع ثالث ركز على الاستفادة من الطاقة الشمسية، وقام بتشغيل أكبر طلمبة في العالم تعمل بالطاقة الشمسية بدون بطاريات بعيدًا عن شبكة الكهرباء في قلب الصحراء المصرية. كان هناك موقع وتطبيقات «إقرأ لي» الرائع للاستماع لأخبار ومقالات الصحف اليومية وكتب صوتية مختارة من خلال الهاتف المحمول أو الكمبيوتر.
ما أود التأكيد عليه أن كنوز أفكار الشباب في مصر تبحث عن من يكتشفها. تنظيم مثل هذه المسابقات والمنافسات من شأنها اكتشاف العالم الرحب من المواهب والطاقات الابداعية وخلق فرص الإزدهار والمنافسة. لدينا الملايين من الشباب الطموح الذين لديهم أفكار جادة ومُلهمة، ويمكنهم – من خلال ريادة الأعمال – تحويل هذه الأفكار إلى مشاريع ناجحة، كما أن مثل هذه المسابقات تُسهم في تدريب أصحاب الأفكار وإرشادهم وتوجيههم وتعريفهم بالمستثمرين والممولين، ليكونوا جميعًا فائزين. أدعو الشباب للمشاركة في مسابقات ريادة الأعمال، منها على المستوى المحلي::
مسابقة حى من مركز الإبداع التكنولوجي ومسابقة تطبيقات المحمول للفقراء- ومسابقة رواد النيل – ومسابقة طموح لريادة الأعمال الاجتماعية – وكأس الشركات الناشئة – وستارت اب ويك إند.
ومسابقات أخرى على المستوى الإقليمي مثل :: تحدي إنتل لريادة الأعمال – ومسابقة أفضل خطة عمل للمنظمة العربية للعلوم والتكنولوجيا – ومسابقة خطط الأعمال العربية لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وغيرها.
أتمنى تفاعل الشباب مع هذه المسابقات، فالكل فائز ومستفيد من المشاركة في هذه المسابقات، بالرغم من أن جوائز هذه المسابقات تمنح لعدد محدود من المتقدمين، لكن المشاركة فرصة ومختبر لأفكارهم بمزيد من التجريب، والاستفادة من أراء الخبراء قبيل خروجها إلى حيز التنفيذ، كما أنها تُلهمهم وتمنحهم الشعور بالانتماء والرغبة في المساهمة في بناء مستقبل الوطن الغالي. إن كل فكرة تحمل معها قصة عظيمة من التميز وتكشف قدرات الشباب على الإبداع واستحداث مشروعات تُسهم في زيادة فرص العمل وتطمح للمنافسة في الأسواق المحلية والدولية.
أسأل الله لكم جميعًا التوفيق ونَيْل الجائزة الكبرى، وهي «السعادة في الداريْن».
د / نبيل شلبي