سد النهضة / سد الألفية / السد العظيم كلها أسماء لمشروع واحد ألا و هو السد الذي تريد إثيوبيا بناؤه علي النيل الأزرق بهدف توليد الطاقة الكهربائية منه .
بغض النظر عن تفاصيل الخلاف بين مصر و إثيوبيا حول فترة مليء السد التي تريدها إثيوبيا أن تكون 3/4 سنوات في حين تريدها مصر 7 سنوات علي الأقل و بغض النظر عن إستمرار المحاولات في راب الصدع و إيجاد حل للمشكلة فيجب علينا أن نفكر نحن المصريون في جميع الحالات التي قد نواجهها في حال فشل الحوار و المفاوضات بين الجانبين المصري و الإثيوبي .
و حتي نكون واضحين و محددين يجب أن نحصر أولاً السيناريوهات المتاحة لهذه المشكلة مع إيجاد عدة حلول لكل سيناريو حتي نستطيع مواجهة هذه الأزمة بنجاح و بدون تأثير يذكر علي مصر و المصريون . السيناريوهات المتاحة هي ::
السيناريو الأول :: ” أسوء السيناريوهات ” عدم إتفاق مصر و إثيوبيا و قيام إثيوبيا بمليءالسد خلال 3/4 سنوات و هو الأمر الذي سيؤذينا بشدة .
السيناريو الثاني :: إتفاق إثيوبيا و مصر علي ملي السد خلال 7 سنوات .
السيناريو الثالث :: و هو أفضل السيناريوهات و هو إتفاق مصر و إثيوبيا علي ملي السد خلال فترة تزيد عن 7 سنوات .
و حتي نكون جاهزين لذلك فإنني أدعو الجميع لطرح حلول لهذه الآزمة و الشريحة الأولي المستهدفة بهذا النداء هي شريحة ” رواد الأعمال ” الذين لديهم القدرة علي إيجاد حلول غير تقليدية تفيد أكثر في حل المشكلة .
و من هذا المنطلق إسمحوا لي بعرض أحد الحلول من وجهة نظري المتواضعة ليس كمتخصص في قضايا المياه و لكن كمتخصص في ريادة الأعمال و المشروعات الصغيرة يري أن ريادة الأعمال تستطيع المساهمة بقوة و بفعالية في إيجاد حل لهذه الأزمة المتوقعة .
الحل من وجهة نظري يقوم علي ثلاثة محاور هي ::
المحور الأول :: محور ترشيد إستخدام المياه .
المحور الثاني :: محور إكتشاف مصادر جديدة للمياه .
المحور الثالث :: تطوير مصادر المياه الحالية .
و لنشرح الآن كل محور علي حده ::
المحور الأول :: ترشيد إستخدام المياه
نستطيع ترشيد إستخدام المياه بعدة طرق منها ::
الطريقة الأولي :: المياه الرمادية :: و حتي نعرف أكثر ماهية المياه الرمادية لنعرف أنواع المياه في حياتنا .
النوع الأول :: المياه البيضاء :: و هي المياه الصالحة تماماً للشرب .
النوع الثاني :: المياه الرمادية :: و هي المياه الناتجة من المغاسل و أحواض الإستحمام و الغسالات * ، هذه المياه يمكن إعادة إستخدامها بعد مرورها بعملية معالجة بسيطة و ذلك بعملية تنظيف ميكانيكية و بيولوجية .
النوع الثالث :: المياه السوداء :: و هي المياه الناتجة من إستخدام المراحيض التي يها الفضلات البشرية و ذلك النوع من المياه لا يمكن إعادة إستخدامه إلا بعد مرورها بعملية معالجة معقدة لإحتوائها علي نسبة تلوث عالية .
بعد معرفة أنواع المياه في حياتنا سنجد أن المياه الممكن إعادة إستخدامها هي المياه الرمادية الناتجة من الإستخدام المنزلي بالمطبخ التي تستطيع تجميعها و معالجتها معالجة بسيطة و نعيد إستخدامها مرة في الحمامات من خلال مليء صندوق الطرد (السيفون) بها . فكثير منا لا يعرف أن صناديق الطرد بدورات المياه في منازلنا تمليء بمياه نظيفة تصلح للشرب حيث أن ماسورة المياه الشرب الواصلة لبيوتنا تنقسم قسمين قبل التوصيل للشقق الأول تصل للمطبخ و هي التي نشرب منها و الثانية تصل بالحمام و تمليء صندوق الطرد ” السيفون ” و هو ما يمثل إهداراً صارخاً للمياه كما يعد أيضاً إهداراً للمال العام لآن المياه الصالحة للشرب تتكلف أموالاً كثيرة نستطيع توفيرها من خلال المياه الرمادية .
و للدليل علي وجود إهدار للمياه و للمال العام يكفي أن نعرف أن صناديق الطرد تستهلك نسبة 50% – 60% من مياه الشرب الواصله لمنازلنا ، مما يعني أننا عندما نقوم بإنشاء محطات مياه شرب بتكلفة تقدر بالملايين و أحياناً بالمليارات فإن نسبة 50% – 60% من هذه المياه الصالحة تماماً للشرب يتم هدرها في صناديق الطرد ( السيفون ) ثم نلقيها مرة أخري في مواسير الصرف الصحي ، في حين أننا يمكننا توفير هذا الكم الضخم من المياه بإستخدام المياه الرمادية .
هذه الحقيقة هي ما دفعت عدد قليل من رواد الأعمال لبدء مشروعاتهم في هذا المجال منهم رائد الأعمال / وليد علي الذي قام بالفعل بتنفيذ هذا المشروع و قد طور فيه و سجل براءة إبتكار لوحدة معالجة معلقة تتراوح تكلفتها ما بين 3500- 45000 جنيه بالسعر الحالي في 2019 للشقة الواحدة و هو أمر ممتاز بحيث يمكن لكل شقة تركيب هذه الوحدة و توفير فاتورة المياه الشهرية التي تدفعها الشقة ، بهذا الحل نجد أن فوائده كما يلي ::
1- إيقاف هدر مياه الشرب النظيفة .
2- توفير تكلفة إنتاج مياه الشرب و هو ما يقلل من التكاليف بميزانية الدولة .
3- هي حل مشكلة نقص المياه المتوقعه في حال قررت إثيوبيا إنشاء سد النهضة و مليء خزان السد في 3 سنوات .
الطريقة الثانية :: الري المحوري :: الري المحوري أحد أساليب الري الحديثة، يقوم مبدؤه على أنبوب طويل يدور من طرف واحد كالذراع وتبقى نهايته الأخرى موصولة بمصدر الماء، فيرسم دائرة نصف قطرها طول الأنبوب. وبالتالي يأخذ الحقل شكل دائرة.
الطريقة الثالثة :: إعادة إستخدام المياه الموجودة في البحيرات الصناعية و النوافير و ملاعب الجولف بالفنادق و القري السياحية و التجمعات السكنية ” الكومباوندز ” بنفس طريقة المياه الرمادية مع إعادة إستخدامها في نفس الغرض مرة أخري أو أغراض أخري غير الشرب لآن هذه المياه ليست للشرب أو الإستخدام الآدمي كالإستحمام و خلافه .
المحور الثاني :: إكتشاف مصادر جديدة للمياه
تمتلي مصر بالمياه الجوفية و التي تستطيع سد حاجاتنا لسنوات طويلة حسبما صرح الأستاذ الدكتور فاروق الباز أحد أكبر علماء الجيولوجيا بالعالم لمدة 100 عام علي الأقل و بالذات المياه الجوفية الموجودة بالصحراء الغربية . لذا يجب علينا البحث عن آبار مياه جديدة و توثيقها و علي البدو في الصحراء التعاون مع الحكومة في ذلك حتي لا يتم هدر المياه الجوفية .
و علي الحكومة الإستعانة بالأقمار الصناعية و هيئة الأستشعار عن بعد لتحديد أماكن جديدة تتوافر بها مياه جوفية فمصر مليئة بالمياه الجوفية لآن نهر النيل كان له سبعة افرع و أحد هذه الفرع كان في سيناء و لدي الهيئة المصرية العامة للمساحة هذه الخريطة يوجد مقال بالأهرام يؤكد ذلك ( لقراءة المقال إضغط هنـــــا ) كما يوجد مقال آخر بموقع اليوم السابع يؤكد نفس الحقيقة ( للإطلاع علي مقال اليوم السابع إضغط هنـــــــــــــا )
المحور الثالث :: تطوير مصادر المياه الحالية
تطوير المصادر الحالية للمياه هو أحد الحلول الموجودة بالفعل و التي تستطيع المساهمة في حل مشكلة نقص المياه المتوقعة في حال قررت إثيوبيا إنشاء سد النهضة و مليء خزان السد في 3 سنوات .
و من هذه الحلول التي تعتمد علي تطوير المصادر الحالية للمياه ما إبتكره أ / مصطفي حسين الفائز بالمركز الأول في برنامج ” القاهرة تبتكر ” للعام 2019 حيث قام المخترع بإستخدام نوع من الفطريات في تنقية المياه و هو أمر مفيد جداً في حالة محطات التحلية و الذي سيسهم بدوره في تقليل تكلفة تنقية المياه بالمحطات مما يسمح يتوفير أموال تسمح لنا ببناء محطات تحلية مياه البحر أكثر .
من خلال الثلاثة حلول القابلة للتنفيذ الفوري ( المياه الرمادية و الري المحوري و تطبيق إبتكار أ / مصطفي حسين ) نجد أننا نستطيع توفير قدر كبير من المياه بأياٍ من الحلول الثلاثة فقط المذكورة بالمقال فما بالنا إن فتحنا الباب لتلقي أفكار حول هذا الموضوع ، بالتأكيد سنصل لحلول أخري أفضل و حلول أكثر .
الخلاصة ::
نتمني ان ::
1- يصدر قرار من الحكومة يلزم كل عمارة أو مبني أو بناية أو كل شقة سواءً شاغرة أو غير شاغرة بإنشاء و تركيب وحدة لمعالجة المياه و إنتاج المياه الرمادية سواء كان لهذا العقار إتحاد شاغلين أو لا يوجد .
2- قيام محطات المياه و بالأخص محطات التحلية بتطبيق إختراع أو إبتكار الفائز في مسابقة ” القاهرة تبتكر ” 2019 .
3- عمل مسابقة سنوية في مجالات ::
المجال الأول :: ترشيد إستخدام المياه .
المجال الثاني :: إكتشاف موارد جديدة للمياه .
المجال الثالث :: تطوير مصادر المياه الحالية .
4- قيام وزارة الإسكان و التعمير و المرافق و الصرف الصحي بإنشاء معهد خاص بالمياه و الصرف الصحي لكي يخرج لنا فنيين يستطيعون العمل علي إنشاء و تركيب وحدات تحويل المياه الرمادية لمياه يمكن إعادة إستخدامها . حيث إن السباك المعتاد لن يكون ذو كفاءة عالية في إنشاء مثل هذه الوحدات و لا يفضل أن نترك هذا الأمر للعبث و الفهلوة من جانب السباك .
ننتظر الردود و التعليقات علي البريد الإليكتروني :: [email protected]
اللهم إحفظ مصر
نبذة عن مشكلة سد النهضة الإثيوبي ::
بدأت قصة هذا السد منذ فترة الستينيات بالقرن الماضي أيام حكم الرئيس جمال عبد الناصر و كان رد مصر وقتها هو الرفض لوجود تأثير ضار للغاية علي مصر و السودان جراء بناء هذا السد و ساعتها رضخت إثيوبيا لطلبات مصر بعد ان إستشارت الولايات المتحدة الأمريكية التي نصحتها بأن الرئيس عبد الناصر صادق في تحذيراته و انه قد ينقل الجيش الذي باليمن إلي إثيوبيا أو جزء منه و تحدث حرب بين مصر و إثيوبيا و ساعتها لن يكون الأمر في صالح إثيوبيا خاصة و أن حب الأفارقة لمصر و للرئيس عبد الناصر وقتها سيشكل ضغطاً عليها.
إنتهت فترة حكم الرئيس عبد الناصر ثم جاءت فترة حكم الرئيس السادات التي لم يتغير خلالها رد مصر علي فكرة بناء السد سوي بالرفض رغم أن مصر وقتها كان منشغلة فقط بحربها مع إسرائيل .
ثم جاءت فترة حكم الرئيس المخلوع مبارك التي حدثت بها محاولة إغتياله بالعاصة الإثيوبية أديس أبابا و كانت هذه الحادثة هي السبب في تغيير نظرة الحكومة المصرية لإثيوبيا خاصة و أفريقا بشكل عام و هو ما عبر عنه الأفارقة بعد ذلك بأن مصر تتعمل معهم بشكل لا يليق لثقة السلطة المصرية وقتها في وقوف أمريكا معها و هو الأمر الذي ردت عليه إثيوبيا علي الفور بالتعاون مع عدو أمريكا اللدود ” الصين ” و عدو مصر اللدود ” إسرائيل ” فالصين تريد توسيع نفوذها و إسرائيل تريد وضع يدها علي منابع النيل للضغط علي مصر و هو ما جعل إثيوبيا في موضع قوة شديد .
ثم جاءت إتفاقية عنتيبي عام 2010 و التي بدء من خلالها وجود إختلاف في وجهات النظر بين عدد من الدول مما جعل الإتفاقية ليس بين عدد من الدول و لكن بين فريقين .
ثم جاءت ثورة 25 يناير المجيدة التي أطاحت بالرئيس المخلوع مبارك و نظامه الفاسد و فور نجاح الثورة سافر وفد إلي إثيوبيا لإعادة المياه لمجاريها و إصلاح العلاقات بين البلدين إلا أن هذه المحاولة جاءت متأخرة بكل أسف لأنه في أبريل 2011 بدء البناء الفعلي للسد .
و ما زاد الطين بلة هو مجي الإخوان للحكم و إجتماعهم السري العلني ” الغبي ” و طرحهم للحلول العسكرية في حل الأزمة و هو ما أشعل الموقف بشدة داخل إثيوبيا .
و فور زوال حكم الإخوان و عزل مندوبهم محمد مرسي سافرت وفود شعبية لإصلاح ذات البين مع الجانب الإثيوبي إلإ أنها لم تغير شيء نتيجة الإجتماع ” الغبي ” أثناء حكم الإخوان .
ثم جات فترة حكم الرئيس السيسي الذي خاطب بالمودة و العقل كافة الأطراف ذات الصلة مثل الدول الموقعه علي إتفاقية عنتيبي و بالطبع إثيوبيا و السودان علي إعتبار أن الجميع شريك في نهر النيل سواءً شاؤا أو أبوا .
أحمد الخولي