منذ ثلاثة أعوام إلتقيت بوفد اقتصادي سويسري يزور المنطقة العربية بغرض الاستثمار والترويج لمشاريع بلاد جبال الألب، وبدأت حديثي بأن الصورة الذهنية حول المنتجات والخدمات السويسرية تتمثل في ثلاثة مجالات هي القطاع المصرفي والساعات السويسرية وتصنيع الشيكولاته، وبادرتهم بالسؤال. هل ما زال ذلك سائدًا أم في أي مجال – كدَولة – تركزون الآن؟، فبادرني رئيس الوفد بمفاجأة لم أتوقعها حين قرر أن سويسرا كدولة لم تهمل هذه المجالات الثلاثة، ولكنهم يمنحون الأولوية للتركيز في مجالين حيويين: الأول هو صحة الإنسان مثل إنتاج الأدوية وإنشاء وإدارة العيادات والمراكز الصحية والعلاجية والمستوصفات والمستشفيات، والثاني هو الطاقة المتجددة مثل توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح والماء وخلافه، وأعجبني تعبيره: لقد جئنا إليكم لنعرض فرص إنشاء مصانع توليد الكهرباء من الشمس الغنية التي تنعم بها بلادكم.
أثار ذلك الحوار المقتضب الشجون بداخلي. وتذكرت حالنا في مصر، حيث نفتقد هويتنا الاستثمارية وفي أي مجال أو مجالات يجب أن تسخر جهودنا وإمكاناتنا بدءًا من التعليم مرورًا بالتدريب والتأهيل ووصولًا للبحث والتطوير ومن ثم تحويل هذه البحوث إلى منتجات متميزة تسهم في نهضة اقتصادنا. تذكرت أيضًا إمبراطورية ميم. الحرف الذي يبدأ بأفكار مشاريع الشباب التقليدية. مطعم، مقهى، مغسلة، وحتى الشابات. مشغل!
النقطة الأخرى التي توقفت عندها وهي صحة الإنسان الذي تُركز عليها سويسرا فقامت بتشييد مراكز الأبحاث والمدن العلمية وقدمت من الحوافز الكثير للاستثمار في هذا المجال لوضع الشركات السويسرية على قمة الشركات العالمية في هذا المضمار. من منا لم يسمع بشركات عملاقة مثل شركة رُوش التي بلغ إجمالي إيراداتها السنوية قرابة 44 مليار دولار ويعمل بها أكثر من 78 ألف موظف، وشركة نوفارتس التي بلغ إجمالي إيراداتها السنوية قرابة 42 مليار دولار ويعمل بها أكثر من 98 ألف موظف، وغيرها من شركات الأدوية السويسرية التي تستحوذ على النصيب الأوفر من سوق أتصور أنه ضمن أهم الأسواق على الصعيد العالمي وأكثرها ربحية.
أما الخدمات الصحية وشركات الأجهزة الطبية والمنتجعات الصحية والمراكز العلاجية، فهي الأخرى كما أسلفت ضمن اهتمامهم بصحة الإنسان. وقد نجح السويسريون في إنشاء تجمعات لهذه الصناعات المتخصصة، حيث هناك كانتون برن (الكانتون هو تقسيم إداري فيدرالي)، في مساحة لا تزيد عن 6000 كيلو متر مربع، محتضنًا 320 شركة متخصصة بحجم استثمار يصل إلى نحو 2 مليار يورو تمثل ثلث شركات التكنولوجيا الطبية السويسرية القائمة على الابتكار والابداع والموجهة للتصدير، يعززها جامعة برن التي تحتضن مراكز أبحاث متخصصة بهذا المضمار أحدثها مركز أبحاث الهندسة الطبية للأعضاء الصناعية. يتضمن الكانتون جيشًا من الفنيين والمهندسين الطبيين المؤهلين تأهيلا عاليًا في مجالات محددة مثل القلب والأوعية الدموية، والنظم الحركية والعظام والأمراض العصبية، والعيون والأسنان.
وبهذا التركيز ووضوح الرؤية، لم أتعجب كون سويسرا التي يبلغ تعداد سكانها أقل من 8 مليون نسمة، من أكثر بلدان العالم ثراءًا حسب دخل الفرد، إذ يصل دخل الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى 67، 384 دولار أمريكي، كما أن مدينتي زيورخ وجنيف احتلتا المركزين الثاني والثالث في ترتيب أعلى مستوى للحياة في مدن العالم.
وبالعودة إلى مصر نحن بحاجة إلى رؤية وأهداف استراتيجية واضحة تقرر مجالات محددة يمكن التركيز عليه ونتميز فيه ونُسخر امكاناتنا للمنافسة على الصعيد العالمي. إن مصر من الأمم الفتية، أي تمثل شريحة الشباب الغالبية العظمى وتتخطى 60%، وهي أكبر ميزة نسبية يمكن أن تساعدنا بتحقيق حلم النهضة، ولكن هل تم الاستفادة من هذه الطاقات الجبارة بالصورة المثلى؟ لا أعتقد أن الإجابة بالإيجاب. ويظل الطريق طويلًا لإعطاء الفرصة للشباب لبناء مصر بعد تسليحهم بالعلم والمعرفة وأدوات الاستثمار في صناعات المستقبل مثل تقنيات النانو والتقنية الحيوية والهندسة الوراثية والذكاء الاصطناعي وعلوم الفضاء ومصانع الشمس.
أثار ذلك الحوار المقتضب الشجون بداخلي. وتذكرت حالنا في مصر، حيث نفتقد هويتنا الاستثمارية وفي أي مجال أو مجالات يجب أن تسخر جهودنا وإمكاناتنا بدءًا من التعليم مرورًا بالتدريب والتأهيل ووصولًا للبحث والتطوير ومن ثم تحويل هذه البحوث إلى منتجات متميزة تسهم في نهضة اقتصادنا. تذكرت أيضًا إمبراطورية ميم. الحرف الذي يبدأ بأفكار مشاريع الشباب التقليدية. مطعم، مقهى، مغسلة، وحتى الشابات. مشغل!
النقطة الأخرى التي توقفت عندها وهي صحة الإنسان الذي تُركز عليها سويسرا فقامت بتشييد مراكز الأبحاث والمدن العلمية وقدمت من الحوافز الكثير للاستثمار في هذا المجال لوضع الشركات السويسرية على قمة الشركات العالمية في هذا المضمار. من منا لم يسمع بشركات عملاقة مثل شركة رُوش التي بلغ إجمالي إيراداتها السنوية قرابة 44 مليار دولار ويعمل بها أكثر من 78 ألف موظف، وشركة نوفارتس التي بلغ إجمالي إيراداتها السنوية قرابة 42 مليار دولار ويعمل بها أكثر من 98 ألف موظف، وغيرها من شركات الأدوية السويسرية التي تستحوذ على النصيب الأوفر من سوق أتصور أنه ضمن أهم الأسواق على الصعيد العالمي وأكثرها ربحية.
أما الخدمات الصحية وشركات الأجهزة الطبية والمنتجعات الصحية والمراكز العلاجية، فهي الأخرى كما أسلفت ضمن اهتمامهم بصحة الإنسان. وقد نجح السويسريون في إنشاء تجمعات لهذه الصناعات المتخصصة، حيث هناك كانتون برن (الكانتون هو تقسيم إداري فيدرالي)، في مساحة لا تزيد عن 6000 كيلو متر مربع، محتضنًا 320 شركة متخصصة بحجم استثمار يصل إلى نحو 2 مليار يورو تمثل ثلث شركات التكنولوجيا الطبية السويسرية القائمة على الابتكار والابداع والموجهة للتصدير، يعززها جامعة برن التي تحتضن مراكز أبحاث متخصصة بهذا المضمار أحدثها مركز أبحاث الهندسة الطبية للأعضاء الصناعية. يتضمن الكانتون جيشًا من الفنيين والمهندسين الطبيين المؤهلين تأهيلا عاليًا في مجالات محددة مثل القلب والأوعية الدموية، والنظم الحركية والعظام والأمراض العصبية، والعيون والأسنان.
وبهذا التركيز ووضوح الرؤية، لم أتعجب كون سويسرا التي يبلغ تعداد سكانها أقل من 8 مليون نسمة، من أكثر بلدان العالم ثراءًا حسب دخل الفرد، إذ يصل دخل الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى 67، 384 دولار أمريكي، كما أن مدينتي زيورخ وجنيف احتلتا المركزين الثاني والثالث في ترتيب أعلى مستوى للحياة في مدن العالم.
وبالعودة إلى مصر نحن بحاجة إلى رؤية وأهداف استراتيجية واضحة تقرر مجالات محددة يمكن التركيز عليه ونتميز فيه ونُسخر امكاناتنا للمنافسة على الصعيد العالمي. إن مصر من الأمم الفتية، أي تمثل شريحة الشباب الغالبية العظمى وتتخطى 60%، وهي أكبر ميزة نسبية يمكن أن تساعدنا بتحقيق حلم النهضة، ولكن هل تم الاستفادة من هذه الطاقات الجبارة بالصورة المثلى؟ لا أعتقد أن الإجابة بالإيجاب. ويظل الطريق طويلًا لإعطاء الفرصة للشباب لبناء مصر بعد تسليحهم بالعلم والمعرفة وأدوات الاستثمار في صناعات المستقبل مثل تقنيات النانو والتقنية الحيوية والهندسة الوراثية والذكاء الاصطناعي وعلوم الفضاء ومصانع الشمس.
دكتور مهندس / نبيل شلبي