د / محمد حجازي
يأتى الإهتمام دائما بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة بإعتبارها الشريان الرئيسى للإقتصاد فى مصر، والبوابة الرئيسية للنمو ولإستيعاب العمالة والإسهام فى إيجاد وتوفير فرص العمل أكثر من أى قطاع آخر من القطاعات الإقتصادية، وعلى الأخص فى الأوقات التى تتسم بالركود. ولعل كثيرا من الإقتصاديين يتفقون معى أن المشروعات الصغيرة و المتناهية الصغر، والإقتصاد غير الرسمى فى مصر، لعبا دوراً حاسماً فى تقليل الإحساس بركود أو توقف النشاط الإقتصادى خلال عامى 2011 و2012 من سنوات الثورة المصرية على وجه الخصوص.
إن تحرك إقتصاديات العالم من الإقتصاد التقليدى الذى تهيمن عليه الأصول الملموسة من معدات ومصانع إلى الإقتصاد القائم على المعرفة والأصول غير الملموسة كحقوق الملكية الفكرية، يفرض على الشركات المصرية وخاصة مع تزايد الضغوط الإقتصادية، وزيادة حدة المنافسة وانخفاض هوامش الربح، أن تبحث تلك الشركات عن بدائل غير تقليدية، تكون لمصلحة الشركة وتقديم قيمة مضافة مرتفعة. وسوف أتناول موضوع حقوق الملكية الفكرية باعتباره إحدى الآليات التى يمكن أن تسهم بشكل رئيسى فى نمو تلك المشروعات وتطورها. وذلك من خلال التعرف على حقوق الملكية الفكرية بشكل مالى واقتصادى والنظر إليها بشكل مختلف عن كونها وسيلة دفاعية لتوفير الحماية القانونية فقط ، فلن تجدى هذه الحماية القانونية مادامت حبيسة أدراج المحامين. بل يجب على الشركات الاستفادة من تلك الحقوق، وتوليد قيم إقتصادية ومالية منها من خلال الترخيص ، والتوريق ، والإدارة لتلك الحقوق ، وتسخير القيمة الجوهرية لحقوق الملكية الفكرية لديها.
فإذا لم يعد بإمكاننا التنافس فى التصنيع مع دول مثل الصين وألمانيا، فإنه يمكننا توليد القيمة المضافة من الخدمات المهنية، والصناعات الإبداعية والإبتكارية، والتى تلعب فيها حقوق الملكية الفكرية دوراً كبيراً فى توليد الثروة. فصناعات السينما والدراما السينمائية والتليفزيونية، ونشر الكتب، والإنتاج الموسيقى والغنائي، وصناعة البرمجيات والمحتوى الرقمى تقوم على النتاج الفكرى الإبداعي، وليس بالضرورة أن تكون هذه الشركات عملاقة حتى يمكنها التمتع بحقوق الملكية الفكرية أو تملكها، بل يمكن أيضا للمشروعات المتناهية الصغر مثل المطاعم، وورش الأثاث، الأنشطة الزراعية، الصيدليات، الكافيتريات، أكشاك السجائر، وورش النجارة، والمطابع، وغيرها من الأنشطة الصغيرة.
ونظراً لأن موضوع المشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة من وجهة نظرى لا يمكن النظر إليه كوحدة واحدة، فإنه يجب النظر إليه قطاعياً فكل قطاع لديه تحدياته المختلفة، ويمتلك أيضا مزاياه النسبية والتنافسية المختلفة. وبالتالى يجب النظر نحو تنويع السياسات المتعلقة بكل فئة من هذه المشروعات وفقا للقطاع المعنى بها. وسأعرض هنا لنتائج إستبيان قمنا بإعداده فى دراسة لقياس أثر حقوق الملكية الفكرية على المشروعات الصغيرة والمتوسطة العاملة فى قطاع تكنولوجيا المعلومات فى مصر، لمصلحة المنظمة العالمية للملكية الفكرية WIPO. وسأعرض نتائجه على عينة مكونة من عدد 500 شركة متناهية الصغر وصغيرة ومتوسطة بدرجة ثقة فى النتائج وصلت إلى 95%.
سألنا الشركات عن موقفها التنافسى فى سوق تكنولوجيا المعلومات ؟
أشارت نسبة 85% من الشركات إلى أنها فى موقف تنافسى جيد، و87% من الشركات ترى أن تعمل فى ظل سوق تنافسية واعدة تتمتع بالعديد من الفرص الكامنة للاستثمار. وكانت نسبة الشركات المستقرة التى يزيد عمرها على خمس سنوات وتنمو بشكل مستمر 54 %.
وعندما سألنا المشروعات والشركات عن إمكان قيامها أو رغبتها بالاندماج فى المستقبل ؟
وجدنا رفض الفكرة بنسبة 45.5 % من الشركات المستقصاة، وهو ما يعنى أن هذه الشركة والمشروعات تميل للنمو فى هذه السوق.
وفيما يتعلق بالقيمة المضافة
فقد أشارت نسبة 53.5% إلى أن منتجاتها تمثل مدخلات لمشروعات آخرى فى السوق بما يعكس وجود روابط أمامية وخلفية جيدة بين هذه المشروعات والشركات، وأن 42.8% من العينة ترى أن طبيعة منتجات المشروعات الاخرى التى ترتبط بهذه الروابط مع المشروعات الصغيرة تميل إلى أن تكون خدمات أكثر منها سلعاً أخذا فى الاعتبار التأثير الكبير لقطاع الخدمات على النمو الاقتصادي.
كما أشارت النتائج إلى أن 94.6% من المشاركين بالعينة أقروا بأنهم ينتجون سلعا وخدمات مشمولة بحقوق ملكية فكرية، وأن نسبة 58% منهم يستغلون هذه الحقوق ويقومون بالترخيص للغير باستخدامها بما يسهم فى رفع ربحيتهم وزيادة حصتهم السوقية. وجاءت نسبة الإنفاق على البحث والتطوير داخل هذه المشروعات لتؤكد اهتمامهم بالخروج بمنتجات وخدمات جديدة مبتكرة تتمتع بحقوق ملكية فكرية بنسبة 49.2% من العينة تنفق من 3–5% من موازناتها الإجمالية على البحث والتطوير. إن النتائج السابقة تظهر بشكل واضح أهمية حقوق الملكية الفكرية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وامتلاك الكثير منها لتلك الحقوق واستغلالها بشكل تجارى وآثارها الايجابية على تلك المشروعات.